[7] اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ خُرُوجَ الْمَنِيِّ مِنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ مُوجِبٌ لِلْغُسْلِ
[الموسوعة الفقهية الكويتية، مني، ج٣٩، ص١٤٣]
قال صاحب الدر: ( وَفُرِضَ ) الْغُسْلُ ( عِنْدَ ) خُرُوجِ ( مَنِيٍّ ) مِنْ الْعُضْوِ وَإِلا فَلا يُفْرَضُ اتِّفَاقًا ; لأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْبَاطِنِ ( مُنْفَصِلٍ عَنْ مَقَرِّهِ ) هُوَ صُلْبُ الرَّجُلِ وَتَرَائِبُ الْمَرْأَةِ , وَمَنِيُّهُ أَبْيَضُ وَمَنِيُّهَا أَصْفَرُ , فَلَوْ اغْتَسَلَتْ فَخَرَجَ مِنْهَا مَنِيٌّ , وَإِنْ مَنِيُّهَا أَعَادَتْ الْغُسْلَ لا الصَّلاةَ وَإِلا لا ( بِشَهْوَةٍ ) أَيْ لَذَّةٍ وَلَوْ حُكْمًا كَمُحْتَلِمٍ
وفي الشامية: ( قَوْلُهُ : عِنْدَ خُرُوجِ ) لَمْ يَقُلْ بِخُرُوجِ ; لأَنَّ السَّبَبَ هُوَ مَا لا يَحِلُّ مَعَ الْجَنَابَةِ كَمَا اخْتَارَهُ فِي الْفَتْحِ وَسَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ فِي قَوْلِهِ وَعِنْدَ انْقِطَاعِ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ , وَلَوْ قَالَ وَبَعْدَ خُرُوجٍ لَكَانَ أَظْهَرَ ; لأَنَّهُ لا يَجِبُ قَبْلَ السَّبَبِ
( قَوْلُهُ : مِنْ الْعُضْوِ ) هُوَ ذَكَرُ الرَّجُلِ وَفَرْجُ الْمَرْأَةِ الدَّاخِلُ احْتِرَازًا عَنْ خُرُوجِهِ مِنْ مَقَرِّهِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْعُضْوِ بِأَنْ بَقِيَ فِي قَصَبَةِ الذَّكَرِ أَوْ الْفَرْجِ الدَّاخِلِ , أَمَّا لَوْ خَرَجَ مِنْ جُرْحٍ فِي الْخُصْيَةِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ عَنْ مَقَرِّهِ بِشَهْوَةٍ فَالظَّاهِرُ افْتِرَاضُ الْغُسْلِ . وَلْيُرَاجَعْ
( قَوْلُهُ : بِشَهْوَةٍ ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ مُنْفَصِلٍ , اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا لَوْ انْفَصَلَ بِضَرْبٍ أَوْ حَمْلٍ ثَقِيلٍ عَلَى ظَهْرِهِ , فَلا غُسْلَ عِنْدَنَا خِلافًا لِلشَّافِعِيِّ كَمَا فِي الدُّرَرِ
( قَوْلُهُ : وَشَرَطَهُ أَبُو يُوسُفَ ) أَيْ شَرَطَ الدَّفْقَ , وَأَثَرُ الْخِلافِ يَظْهَرُ فِيمَا لَوْ احْتَلَمَ أَوْ نَظَرَ بِشَهْوَةٍ فَأَمْسَكَ ذَكَرَهُ حَتَّى سَكَنَتْ شَهْوَتُهُ ثُمَّ أَرْسَلَهُ فَأَنْزَلَ وَجَبَ عِنْدَهُمَا لا عِنْدَهُ , وَكَذَا لَوْ خَرَجَ مِنْهُ بَقِيَّةُ الْمَنِيِّ بَعْدَ الْغُسْلِ قَبْلَ النَّوْمِ أَوْ الْبَوْلِ أَوْ الْمَشْيِ الْكَثِيرِ نَهْرٌ أَيْ لا بَعْدَهُ ; لأَنَّ النَّوْمَ وَالْبَوْلَ وَالْمَشْيَ يَقْطَعُ مَادَّةَ الزَّائِلِ عَنْ مَكَانِهِ بِشَهْوَةٍ فَيَكُونُ الثَّانِي زَائِلا عَنْ مَكَانِهِ بِلا شَهْوَةٍ فَلا يَجِبُ الْغُسْلُ اتِّفَاقًا زَيْلَعِيٌّ , وَأَطْلَقَ الْمَشْيَ كَثِيرٌ , وَقَيَّدَهُ فِي الْمُجْتَبَى بِالْكَثِيرِ وَهُوَ أَوْجَهُ ; لأَنَّ الْخُطْوَةَ وَالْخُطْوَتَيْنِ لا يَكُونُ مِنْهُمَا ذَلِكَ حِلْيَةٌ وَبَحْرٌ . قَالَ الْمَقْدِسِيَّ : وَفِي خَاطِرِي أَنَّهُ عُيِّنَ لَهُ أَرْبَعُونَ خُطْوَةً فَلْيُنْظَرْ
( قَوْلُهُ : وَبِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ نَأْخُذُ ) أَيْ فِي الضَّيْفِ وَغَيْرِهِ .
( قَوْلُهُ : قُلْت إلَخْ ) ظَاهِرُهُ الْمَيْلُ إلَى اخْتِيَارِ مَا فِي النَّوَازِلِ , وَلَكِنْ أَكْثَرُ الْكُتُبِ عَلَى خِلافِهِ حَتَّى الْبَحْرُ وَالنَّهْرُ , وَلا سِيَّمَا قَدْ ذَكَرُوا أَنَّ قَوْلَهُ قِيَاسٌ وَقَوْلَهُمَا اسْتِحْسَانٌ وَأَنَّهُ الأَحْوَطُ , فَيَنْبَغِي الإِفْتَاءُ بِقَوْلِهِ فِي مَوَاضِعِ الضَّرُورَةِ فَقَطْ تَأَمَّلْ . وَفِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلِ عَنْ الْمَنْصُورِيَّةِ قَالَ الإِمَامُ قَاضِي خَانْ : يُؤْخَذُ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِي صَلَوَاتٍ مَاضِيَةٍ فَلا تُعَادُ , وَفِي مُسْتَقْبَلَةٍ لا يُصَلِّي مَا لَمْ يَغْتَسِلْ .
[ تَنْبِيهٌ ] إذَا لَمْ يَتَدَارَكْ مَسْكَ ذَكَرِهِ حَتَّى نَزَلَ الْمَنِيُّ صَارَ جُنُبًا بِالاتِّفَاقِ
[رد المحتار، كتاب الطهارة، سنن الغسل، ج١، ص١٥٩، سعيد]
فَصْلٌ فَرْضُ الْغُسْلِ: الْمَضْمَضَةُ... وَإِنْزَالُ الْمَنِيِّ عَلَى وَجْهِ الدَّفْقِ وَالشَّهْوَةِ
قَالَ: (وَإِنْزَالُ الْمَنِيِّ عَلَى وَجْهِ الدَّفْقِ وَالشَّهْوَةِ) لِأَنَّهُ يُوجِبُ الْجَنَابَةَ إِجْمَاعًا، فَيَجِبُ الْغُسْلُ بِالنَّصِّ: «وَسَأَلَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا أَنَّ زَوْجَهَا يُجَامِعُهَا، قَالَ: عَلَيْهَا الْغُسْلُ إِذَا وَجَدَتِ الْمَاءَ» ، وَلَوْ خَرَجَ لَا عَلَى وَجْهِ الدَّفْقِ وَالشَّهْوَةِ، كَمَا إِذَا ضُرِبَ عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ سَقَطَ مِنْ عُلُوٍّ أَوْ أَصَابَهُ مَرَضٌ يَجِبُ الْوُضُوءُ دُونَ الْغُسْلِ كَمَا فِي الْمَذْيِ فَإِنَّهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَنِيِّ، لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَخْرُجْ عَلَى وَجْهِ الدَّفْقِ لَمْ يَجِبِ الْغُسْلُ، ثُمَّ الشَّرْطُ انْفِصَالُهُ عَنْ مَوْضِعِهِ عَنْ شَهْوَةٍ لِأَنَّ بِذَلِكَ يُعْرَفُ كَوْنُهُ مَنِيًّا وَهُوَ الشَّرْطُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خُرُوجُهُ عَنِ الْعُضْوِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ إِنَّمَا يَثْبُتُ بَعْدَ الْخُرُوجِ فَيُعْتَبَرُ وَقْتَئِذٍ
[الأختيار لتعليل المختار، كتاب الطهارة، فصل في فرض الغسل، ج١، ص٥٩، الرسالة العالمية]
قال ابو جعفر: ومن انزل من شهوة بغير جماع، من رجل او امرأة، فعليه الغسل...
قال ابو بكر: واما المني اذا خرج من غير شهوة: فقياس قولهم انه يوجب الوضوء ولا يوجب الغسل لانهم يقولون من ضرب علي إليتيه فخرج المني من ذكره: انه يتوضأ ولا غسل عليه
[شرح مختصر الطحاوي، باب الاستطابة والحدث: مسألة خروج المني، ج١، ص٤٠٤، دار البشائر الاسلامية]
(قوله: وفرض عند مني ذي دفق وشهوة عند انفصاله) أي وفرض الغسل واختلف المشايخ في سبب وجوبه فظاهر ما في الهداية أن إنزال المني ونحوه سبب له، فإنه قال المعاني الموجبة للغسل إنزال المني إلى آخره وتعقبه في النهاية بأن هذه معان موجبة للجنابة لا للغسل على المذهب الصحيح من علمائنا، فإنها تنقضه فكيف توجبه
[البحر الرائق، موجبات الغسل، ج١، ص٥٥، دار الكتب الاسلامي]
قال صاحب الهداية: (وَالْمَعَانِي الْمُوجِبَةُ لِلْغُسْلِ إنْزَالُ الْمَنِيِّ عَلَى وَجْهِ الدَّفْقِ وَالشَّهْوَةِ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ حَالَةَ النَّوْمِ وَالْيَقِظَةِ)...وَلَنَا أَنَّ الْأَمْرَ بِالتَّطْهِيرِ يَتَنَاوَلُ الْجُنُبَ، وَالْجَنَابَةُ فِي اللُّغَةِ خُرُوجُ الْمَنِيِّ عَلَى وَجْهِ الشَّهْوَةِ، يُقَالُ أَجْنَبَ الرَّجُلُ إذَا قضَى شَهْوَتَهُ مِنْ الْمَرْأَةِ، وَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى خُرُوجِ الْمَنِيِّ عَنْ شَهْوَةٍ، ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ انْفِصَالُهُ عَنْ مَكَانِهِ عَلَى وَجْهِ الشَّهْوَةِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ظُهُورُهُ أَيْضًا اعْتِبَارًا لِلْخُرُوجِ بِالْمُزَايَلَةِ إذْ الْغُسْل ُيَتَعَلَّقُ بِهِمَا وَلَهُمَا أَنَّهُ مَتَى وَجَبَ مِنْ وَجْهٍ فَالِاحْتِيَاطُ فِي الْإِيجَابِ
قال ابن الهمام: (قَوْلُهُ وَالْمَعَانِي الْمُوجِبَةُ لِلْغُسْلِ) وَحَاصِلُ مَا يُوجِبُ الْجَنَابَةَ خُرُوجُ الْمَنِيِّ عَنْ شَهْوَةٍ وَالْإِيلَاجُ فِي الْآدَمِيِّ الْحَيِّ لَا الْمَيِّتِ وَالْبَهِيمَةِ مَا لَمْ يُنْزِلْ. لَكِنْ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: بَال فَخَرَجَ مِنْهُ مَنِيٌّ إنْ كَانَ ذَكَرُهُ مُنْكَسِرًا لَا غُسْلَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مُنْتَشِرًا فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ
(قَوْلُهُ وَلَنَا أَنَّ الْأَمْرَ بِالتَّطْهِيرِ يَتَنَاوَلُ الْجُنُبَ) وَالْجَنَابَةُ فِي اللُّغَةِ إنَّمَا تُقَالُ مَعَ الشَّهْوَةِ فَلَا يَتَنَاوَلُ مَنْ خَرَجَ مِنْهُ بِلَا شَهْوَةٍ فَلَا يُوجِبُ فِيهِ حُكْمًا بِنَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ... وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ قَتَادَةَ وَعِكْرِمَةَ نَحْوَهُ فَلَا يُتَصَوَّرُ مَنِيٌّ إلَّا مِنْ خُرُوجِهِ بِشَهْوَةٍ، وَإِلَّا يَفْسُدُ الضَّابِطُ الَّذِي وَضَعَتْهُ لِتَمْيِيزِ الْمِيَاهِ لِتُعْطَى أَحْكَامَهَا
(قَوْلُهُ ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ إلَخْ ) لا يَجِبُ الْغُسْلُ إذَا انْفَصَلَ عَنْ مَقَرِّهِ مِنْ الصُّلْبِ بِشَهْوَةٍ إلا إذَا خَرَجَ عَلَى رَأْسِ الذَّكَرِ بِالاتِّفَاقِ , وَإِنَّمَا الْخِلافُ فِي أَنَّهُ هَلْ تُشْتَرَطُ مُقَارَنَةُ الشَّهْوَةِ لِلْخُرُوجِ ؟ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ نَعَمْ , وَعِنْدَهُمَا لا
وَقَدْ أَخْطَأَ بَعْضُ الطَّلَبَةِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِذَلِكَ مِنْ خَارِجٍ، وَلَوْ تَأَمَّلَ قَوْلَهُ فِي دَلِيلِ أَبِي يُوسُفَ إذْ الْغُسْلُ يَتَعَلَّقُ بِهِمَا لَزَالَ الرَّيْبُ عَنْهُ، وَمِنْ فُرُوعِ تَعَلُّقِهِ بِهِمَا لَوْ احْتَلَمَ فَوَجَدَ اللَّذَّةَ وَلَمْ يُنْزِلْ حَتَّى تَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَنْزَلَ اغْتَسَلَ وَلَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ، وَكَذَا لَوْ احْتَلَمَ فِي الصَّلَاةِ فَلَمْ يُنْزِلْ حَتَّى أَتَمَّهَا فَأَنْزَلَ لَا يُعِيدُهَا وَيَغْتَسِلُ.
وَقَوْلُهُمَا أَحْوَطُ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ قَضَاءُ الشَّهْوَةِ بِالْإِنْزَالِ، فَإِذَا وُجِدَتْ مَعَ الِانْفِصَالِ صَدَقَ اسْمُهَا، وَكَانَ مُقْتَضَى هَذَا ثُبُوتَ حُكْمِهَا وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ، لَكِنْ لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ ثُبُوتِ الْحُكْمِ إلَّا بِالْخُرُوجِ، فَيَثْبُتُ بِذَلِكَ الِانْفِصَالُ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ أَقْوَى مِمَّا بَقِيَ، وَالِاحْتِيَاطُ وَاجِبٌ وَهُوَ الْعَمَلُ بِالْأَقْوَى مِنْ الْوَجْهَيْنِ فَوَجَبَ، وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي صُوَرٍ اسْتَمْنَى بِكَفِّهِ أَوْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ فِي غَيْرِ الْفَرْجِ أَوْ احْتَلَمَ، فَلَمَّا انْفَصَلَ أَخَذَ إحْلِيله حَتَّى سَكَنَتْ فَأَرْسَلَ فَخَرَجَ بِلَا شَهْوَةٍ يَجِبُ عِنْدَهُمَا لَا عِنْدَهُ
[شرح فتح القدير على الهداية ، ج١، ص٦٤-٦٧، مكتبة رشيدية]
(وأما) الغسل المفروض فثلاثة: الغسل من الجنابة، والحيض، والنفاس... خروج المني عن شهوة دفقا من غير إيلاج بأي سبب حصل الخروج كاللمس، والنظر، والاحتلام، حتى يجب الغسل بالإجماع... ثم إنما وجب غسل جميع البدن بخروج المني، ولم يجب بخروج البول، والغائط، وإنما وجب غسل الأعضاء المخصوصة لا غير لوجوه أحدها: أن قضاء الشهوة بإنزال المني استمتاع بنعمة يظهر أثرها في جميع البدن، وهو اللذة فأمر بغسل جميع البدن شكرا لهذه النعمة، وهذا لا يتقرر في البول، والغائط، والثاني أن الجنابة تأخذ جميع البدن ظاهره، وباطنه؛ لأن الوطء الذي هو سببه لا يكون إلا باستعمال لجميع ما في البدن من القوة، حتى يضعف الإنسان بالإكثار منه، ويقوى بالامتناع فإذا أخذت الجنابة جميع البدن الظاهر، والباطن وجب غسل جميع البدن الظاهر، والباطن بقدر الإمكان، ولا كذلك الحدث فإنه لا يأخذ إلا الظاهر من الأطراف، لأن سببه يكون بظواهر الأطراف من الأكل، والشرب، ولا يكونان باستعمال جميع البدن فأوجب غسل ظواهر الأطراف لا جميع البدن، والثالث أن غسل الكل، أو البعض وجب وسيلة إلى الصلاة التي هي خدمة الرب سبحانه، وتعالى، والقيام بين يديه، وتعظيمه فيجب أن يكون المصلي على أطهر الأحوال، وأنظفها ليكون أقرب إلى التعظيم، وأكمل في الخدمة، وكمال النظافة يحصل بغسل جميع البدن، وهذا هو العزيمة في الحدث أيضا إلا أن ذلك مما يكثر وجوده فاكتفى فيه بأيسر النظافة، وهي تنقية الأطراف التي تنكشف كثيرا، وتقع عليها الأبصار أبدا، وأقيم ذلك مقام غسل كل البدن دفعا للحرج، وتيسيرا فضلا من الله، ونعمة، ولا حرج في الجنابة لأنها لا تكثر فبقي الأمر فيها على العزيمة، والمرأة كالرجل في الاحتلام... ثم المني خاثر أبيض ينكسر منه الذكر. وقال الشافعي في كتابه: إن له رائحة الطلع، والمذي رقيق يضرب إلى البياض يخرج عند ملاعبة الرجل أهله، والودي رقيق يخرج بعد البول، وكذا روي عن عائشة - رضي الله عنها - أنها فسرت هذه المياه بما ذكرنا ولا غسل في الودي والمذي أما الودي فلأنه بقية البول، وأما المذي فلما روي عن علي...نص على الوضوء، وأشار إلى نفي وجوب الاغتسال بعلة كثرة الوقوع بقوله كل فحل يمذي
[بدائع الصنائع، فصل في احكام الغسل، ج١، ص٢٧٣-٢٨٠، دار الكتب العلمية]
حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ مُوسَى عَنْ أُمِّهِ أَنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ عَنْ الْمَذْيِ فَقَالَتْ: إنَّ كُلَّ فَحْلٍ يَمْذِي، وَإِنَّهُ الْمَذْيُ وَالْوَدْيُ وَالْمَنِيُّ، فَأَمَّا الْمَذْيُ فَالرَّجُلُ يُلَاعِبُ امْرَأَتَهُ فَيَظْهَرُ عَلَى ذَكَرِهِ الشَّيْءُ فَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ وَيَتَوَضَّأُ وَلَا يَغْتَسِلُ وَأَمَّا الْوَدْيُ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَعْدَ الْبَوْلِ يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ وَيَتَوَضَّأُ وَلَا يَغْتَسِلُ، وَأَمَّا الْمَنِيُّ فَإِنَّهُ الْمَاءُ الْأَعْظَمُ الَّذِي مِنْهُ الشَّهْوَةُ وَفِيهِ الْغُسْلُ
[شرح فتح القدير على الهداية ، ج١، ص٦٦، مكتبة رشيدية]
إِنَّ كُلَّ فَحْلٍ يُمْذِي , فَإِذَا كَانَ الْمَنِيُّ فَفِيهِ الْغُسْلُ , وَإِذَا كَانَ الْمَذْيُ فَفِيهِ الْوُضُوءُ
[شرح معاني الآثار، باب الرجل يخرج من ذكره المذي، ج١، ص٤٦، عالم الكتب]
قَالَ (وَلَيْسَ فِي الْمَذْيِ وَالْوَدْيِ غُسْلٌ وَفِيهِمَا الْوُضُوءُ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «كُلُّ فَحْلٍ يُمْذِي وَفِيهِ الْوُضُوءُ» وَالْوَدْيُ: الْغَلِيظُ مِنْ الْبَوْلِ يَتَعَقَّبُ الرَّقِيقَ مِنْهُ خُرُوجًا فَيَكُونُ مُعْتَبَرًا بِهِ، وَالْمَنِيُّ: خَاثِرٌ أَبْيَضُ يَنْكَسِرُ مِنْهُ الذَّكَرُ، وَالْمَذْيُ: رَقِيقٌ يَضْرِبُ إلَى الْبَيَاضِ يَخْرُجُ عِنْدَ مُلَاعَبَةِ الرَّجُلِ أَهْلَهُ. وَالتَّفْسِيرُ مَأْثُورٌ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا
[شرح فتح القدير على الهداية ، ج١، ص٧١، مكتبة رشيدية]
قال - رحمه الله - (وفرض) أي الغسل (عند مني ذي دفق وشهوة عند انفصاله)...قوله عند مني أي عند خروج المني إلى ظاهر الفرج لأنه لا يجب ما لم يخرج إلى ظاهره أما الرجل فظاهر وكذا المرأة في رواية على ما نبينه إن شاء الله تعالى والشهوة شرط عندنا... ولنا قوله تعالى {وإن كنتم جنبا فاطهروا} [المائدة: 6] وهو في اللغة اسم لمن قضى شهوته يقال أجنب فلان إذا قضى شهوته وقال - عليه السلام - «إذا حذفت الماء فاغتسل وإن لم تكن حاذفا فلا تغتسل» فاعتبر الحذف وهو لا يكون إلا بالشهوة، وفي الغاية ذكر أن ما ذكرناه مقيد وحديث «الماء من الماء» مطلق فيحمل المطلق على المقيد في حادثة واحدة عندنا... والمطلق عنه قوله عند انفصاله أي عند انفصاله من محله يعني أن الشهوة تشترط عند انفصاله من الظهر لا عند خروجه من رأس الإحليل، وهذا عندهماوقال أبو يوسف تشترط الشهوة عندهما؛ لأن الوجوب يتعلق بالانفصال والخروج عندنا... وثمرة الخلاف تظهر في موضعين: أحدهما إذا انفصل المني عن مكانه بشهوة فربط ذكره بخيط حتى فترت شهوته، ثم أرسله يجب عليه الغسل عندهما خلافا له، والثاني إذا أمنى واغتسل من ساعته وصلى أو لم يصل ثم خرج منه بقية المني يجب عليه الغسل ثانيا عندهما وعنده لا يجب، ولا يعيد الصلاة بالإجماع لأنه اغتسل للأول فلا يجب للثاني حتى يخرج فإذا خرج وجب وقت الخروج ابتداء، ولو خرج بعدما بال أو نام أو مشى لا يجب عليه الغسل اتفاقا؛ لأن ذلك يقطع مادة المني الزائل عن مكانه بشهوة فيكون الثاني زائلا عن مكانه بغير شهوة ولو خرج منه بعد البول وذكره منتشر وجب الغسل، وقال الطحاوي من المشايخ من قال في المني الخارج بعد سكون الشهوة يجب الغسل بالاتفاق، وإنما الخلاف في المني الذي يجده النائم على فخذه أو فراشه إذا استيقظ
[تبيين الحقائق، موجبات الغسل، ج١، ص١٥-١٦، مكتبة امدادية]
قال صاحب القدوري: والمعاني الموجبة للغسل: إنزال المني على وجه الدفق والشهوة، من الرجل والمرأة، والتقاء الختانين من غير إنزال... وليس في المذى والودي غسل، وفيهما الوضوء
قال الميداني: (والمعاني الموجبة الغسل إنزال) أي: أي انفصال (المني) وهو ماء أبيض خاثر ينكسر منه الذكر عند خروجه تشبه رائحته رائحة الطلع رطبا ورائحة البيض يابسا (على وجه الدفق) أي: أي الدفع (والشهوة) أي: اللذة عند انفصاله عن مقره، وإن لم يخرج من الفرج كذلك، وشرطه أبو يوسف، فلو احتلم وانفصل منه بشهوة فلما قارب الظهور شد على ذكره حتى انكسرت شهوته ثم تركه فسال بغير شهوة: وجب الغسل عندهما، خلافاً له، وكذا إذا اغتسل المجامع قبل أن يبول أو ينام ثم خرج باقي منيه بعد الغسل وجب عليه إعادة الغسل عندهما، خلافاً له، وإن خرج بعد البول أو النوم لا يعيد إجماعاً (من الرجل والمرأة) حالة النوم واليقظة... (وليس في المذي) وهو: ماء أبيض رقيق يخرج عند الملاعبة،...(والودي) وهو: ماء أصفر غليظ يخرج عقيب البول وقد يسبقه، يخفف ويثقل. مصباح (غسل و) لكن (فيهما الوضوء) كالبول
[اللباب في شرح الكتاب، مطلب في ما يوجب الغسل، ص٢٢، بشار بكري عرابي/دار القباء]
قال - رحمه الله -: (لا مذي وودي واحتلام بلا بلل) أما الاحتلام فقد تقدم حكمه، وأما المذي «فلقوله - عليه السلام - لسهل بن حنيف إنما يجزيك الوضوء منه»، وأما الودي فللإجماع ومني الرجل خاثر أبيض رائحته كرائحة الطلع فيه لزوجة ينكسر الذكر عند خروجه، ومني المرأة رقيق أصفر، والمذي رقيق يضرب إلى البياض يمتد، وخروجه عند الملاعبة مع أهله بالشهوة، ويقابله من المرأة القذي، والودي بول غليظ فيعتبر برقيقه وقيل ما يخرج بعد الاغتسال من الجماع وبعد البول.
[تبيين الحقائق، موجبات الغسل، ج١، ص١٧، مكتبة امدادية]
(الفصل الثالث في المعاني الموجبة للغسل وهي ثلاثة ) منها الجنابة وهي تثبت بسببين أحدهما خروج المني على وجه الدفق والشهوة من غير إيلاج باللمس أو النظر أو الاحتلام أو الاستمناء كذا في محيط السرخسي من الرجل والمرأة في النوم واليقظة كذا في الهداية وتعتبر الشهوة عند انفصاله عن مكانه لا عند خروجه من رأس الإحليل كذا في التبيين . إذا احتلم أو نظر إلى امرأة فزال المني عن مكانه بشهوة فأمسك ذكره حتى سكنت شهوته ثم سال المني عليه الغسل عندهما وعند أبي يوسف لا يجب هكذا في الخلاصة... إذا احتلم الرجل وانفصل المني من موضعه إلا أنه لم يظهر على رأس الإحليل لا يلزمه الغسل كذا في فتاوى قاضي خان رجل بال فخرج من ذكره مني إن كان منتشرا عليه الغسل وإن كان منكسرا عليه الوضوء كذا في الخلاصة ولو لف على ذكره خرقة وأولج ولم ينزل قال بعضهم : يجب الغسل ، وقال بعضهم : لا يجب والأصح إن كانت الخرقة رقيقة بحيث يجد حرارة الفرج واللذة وجب الغسل وإلا فلا والأحوط وجوب الغسل في الوجهين
[الفتاوي الهندية، الباب الثاني في الغسل، الفصل الثالث، ج١، ص١٤-١٦، مكتبة رشيدية]
( الفصل الخامس في نواقض الوضوء ) منها ما يخرج من السبيلين من البول والغائط والريح الخارجة من الدبر والودي والمذي والمني والدودة والحصاة ، الغائط يوجب الوضوء قل أو كثر وكذلك البول والريح الخارجة من الدبركذا في المحيط... المذي ينقض الوضوء وكذا الودي والمني إذا خرج من غير شهوة بأن حمل شيئا فسبقه المني أو سقط من مكان مرتفع يوجب الوضوء كذا في المحيط
[الفتاوي الهندية، الباب الخامس في نواقض الوضوء، ج١، ص٩-١٠، مكتبة رشيدية]