[1] يجب أن يعلم بأن المغني لإجماع الغير وإيناسه مكروه عند عامة المشايخ، ومن الناس من جوز ذلك في العرس والوليمة، ألا ترى أنّه لا بأس بضرب الدف في العرس والوليمة وإن كان فيه نوع لهو، وإنما لم يكن به بأس؛ لأن فيه إظهار النكاح وإعلانه، وبه أمرنا صاحب الشرع، قال عليه السلام: «أعلنوا النكاح ولو بالدف» فكذا التغني، ومنهم من قال: إذا كان يتغنى ليستفيد به نظم القوافي، ويصير فصيح اللسان لا بأس به.
(المحيط البرهاني، ج ١٣، ص ١٥٧، إدارة القرآن)
وَيُكْرَهُ اسْتِمَاعُ صَوْتِ اللَّهْوِ وَالضَّرْبِ بِهِ وَالْوَاجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَجْتَهِدَ مَا أَمْكَنَ حَتَّى لَا يَسْمَعَ وَلَا بَأْسَ بِضَرْبِ الدُّفِّ فِي الْعُرْسِ وَسُئِلَ أَبُو يُوسُفَ عَنْ الدُّفِّ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ بِأَنْ تَضْرِبَ الْمَرْأَةُ فِي غَيْرِ فِسْقٍ لِلصَّبِيِّ قَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَفِي الذَّخِيرَةِ لَا بَأْسَ بِالْغِنَاءِ فِي الْأَعْيَادِ وَفِي السِّرَاجِيَّةِ وَقِرَاءَةُ الْأَشْعَارِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ذِكْرُ الْفِسْقِ وَالْغُلَامِ لَا يُكْرَهُ
(البحر الرائق، ج ٨، ص ٢٠٧، ايج ايم سيعد كمبني)
وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ أَجَازَ الْغِنَاءَ فِي الْعُرْسِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِضَرْبِ الدُّفِّ فِيهِ إعْلَانًا لِلنِّكَاحِ، وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَعْلِنُوا النِّكَاحَ وَلَوْ بِالدُّفِّ» وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ إذَا كَانَ يَتَغَنَّى لِيَسْتَفِيدَ بِهِ نَظْمَ الْقَوَافِي وَيَصِيرَ بِهِ فَصِيحَ اللِّسَانِ لَا بَأْسَ بِهِ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ كَرِهَهُ مُطْلَقًا وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ أَبَاحَهُ مُطْلَقًا وَنَحْنُ بَيَّنَّا الصَّحِيحَ مِنْ الْأَقَاوِيلِ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَرَمِهِ
(تبيين الحقائق، ج ٤، ص ٢٢٢، مكتبة إمدادية)
وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ: ضَرْبُ الدُّفِّ فِي الْعُرْسِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَكَذَا اخْتَلَفُوا فِي الْغِنَاءِ فِي الْعُرْسِ وَالْوَلِيمَةِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ كَرَاهَتِهِ كَضَرْبِ الدُّفِّ.
(رد المحتار علي الدر المختار، ج ٣، ص ٩، ايج ايم سعيد كمبني)
[قال الحصكفي] (وَمَنْ يُغَنِّي لِلنَّاسِ) لِأَنَّهُ يَجْمَعُهُمْ عَلَى كَبِيرَةٍ هِدَايَةٌ وَغَيْرُهَا، وَكَلَامُ سَعْدِيٍّ أَفَنْدِي يُفِيدُ تَقْيِيدَهُ بِالْأُجْرَةِ فَتَأَمَّلْ. وَأَمَّا الْمُغَنِّي لِنَفْسِهِ لِدَفْعِ وَحْشَتِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَ الْعَامَّةِ عِنَايَةٌ، وَصَحَّحَهُ الْعَيْنِيُّ وَغَيْرُهُ. قَالَ: وَلَوْ فِيهِ وَعْظٌ وَحِكْمَةٌ فَجَائِزٌ اتِّفَاقًا، وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَهُ فِي الْعُرْسِ كَمَا جَازَ ضَرْبُ الدُّفِّ فِيهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَاحَهُ مُطْلَقًا، وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَهُ مُطْلَقًا اهـ.
وَفِي الْبَحْرِ: وَالْمُذْهَبُ حُرْمَتُهُ مُطْلَقًا فَانْقَطَعَ الِاخْتِلَافُ، بَلْ ظَاهِرُ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ وَلَوْ لِنَفْسِهِ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ.
[قال ابن عابدين] (قَوْلُهُ فَجَائِزٌ اتِّفَاقًا) اعْلَمْ أَنَّ التَّغَنِّيَ لِإِسْمَاعِ الْغَيْرِ وَإِينَاسِهِ حَرَامٌ عِنْدَ الْعَامَّةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَهُ فِي الْعُرْسِ وَالْوَلِيمَةِ، وَقِيلَ إنْ كَانَ يَتَغَنَّى لِيَسْتَفِيدَ بِهِ نَظْمَ الْقَوَافِي وَيَصِيرَ فَصِيحَ اللِّسَانِ لَا بَأْسَ. أَمَّا التَّغَنِّي لِإِسْمَاعِ نَفْسِهِ، قِيلَ لَا يُكْرَهُ وَبِهِ أَخَذَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ، لِمَا رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَزْهَدِ الصَّحَابَةِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَالْمَكْرُوهُ عَلَى قَوْلِهِ مَا يَكُونُ عَلَى سَبِيلِ اللَّهْوِ، وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ ذَلِكَ يُكْرَهُ وَبِهِ أَخَذَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بَزَّازِيَّةٌ.
(قَوْلُهُ ضَرْبُ الدُّفِّ فِيهِ) جَوَازُ ضَرْبِ الدُّفِّ فِيهِ خَاصٌّ بِالنِّسَاءِ لِمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمِعْرَاجِ بَعْدَ ذِكْرِهِ أَنَّهُ مُبَاحٌ فِي النِّكَاحِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ حَادِثِ سُرُورٍ. قَالَ: وَهُوَ مَكْرُوهٌ لِلرِّجَالِ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِلتَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ.
(قَوْلُهُ فَانْقَطَعَ الِاخْتِلَافُ) فِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْتُهُ فِي حَاشِيَتِي عَلَى الْبَحْرِ، وَقَدْ رَدَّ السَّائِحَانِيُّ عَلَى صَاحِبِ الْبَحْرِ.
(رد المحتار علي الدر المختار، ج ٥، ص ٤٨٢، ايج ايم سعيد كمبني)
[قال ابن جنيم] وَنَقَلَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ وَنَقَلَ الْبَزَّازِيُّ فِي الْمَنَاقِبِ الْإِجْمَاعَ عَلَى حُرْمَةِ الْغِنَاءِ إذَا كَانَ عَلَى آلَةٍ كَالْعُودِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ بِغَيْرِهَا فَقَدْ عَلِمْت الِاخْتِلَافَ وَلَمْ يُصَرِّحْ الشَّارِحُونَ بِالْمَذْهَبِ وَفِي الْبِنَايَةِ وَالْعِنَايَةِ التَّغَنِّي لِلَّهْوِ مَعْصِيَةٌ فِي جَمِيعِ الْأَدْيَانِ قَالَ فِي الزِّيَادَاتِ إذَا أَوْصَى بِمَا هُوَ مَعْصِيَةٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَذَكَرَ مِنْهَا الْوَصِيَّةَ لِلْمُغَنِّيِينَ وَالْمُغَنِّيَاتِ خُصُوصًا إذَا كَانَ مِنْ الْمَرْأَةِ اهـ. فَقَدْ ثَبَتَ نَصُّ الْمَذْهَبِ عَلَى حُرْمَتِهِ فَانْقَطَعَ الِاخْتِلَافُ
[قال ابن عابدين] (قَوْلُهُ فَقَدْ ثَبَتَ نَصُّ الْمَذْهَبِ عَلَى حُرْمَتِهِ) إنْ أَرَادَ أَنَّهُ حَرَامٌ مُطْلَقًا فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ فِي الْبِنَايَةِ وَالْعِنَايَةِ فَإِنَّهُمَا اسْتَدَلَّا بِعِبَارَةِ الزِّيَادَاتِ عَلَى أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ لِقَصْدِ اللَّهْوِ فَلَمْ يُجْرِيَاهُ عَلَى عُمُومِهِ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ فَكَانَ مُحْتَمِلًا لِكُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ نَعَمْ ظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ وَقَدْ يُقَالُ لَفْظَةُ الْمُغَنِّينَ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ مَنْ اتَّخَذَهُ حِرْفَةً وَعَادَةً ثُمَّ رَأَيْت فِي الْفَتْحِ قَالَ إنَّ اسْمَ مُغَنِّيَةٍ وَمُغَنٍّ إنَّمَا هُوَ فِي الْعُرْفِ لِمَنْ كَانَ الْغِنَاءُ حِرْفَتَهُ الَّتِي يَكْتَسِبُ بِهَا الْمَالَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا قِيلَ مَا حِرْفَةُ فُلَانٍ أَوْ مَا صِنَاعَتُهُ يُقَالُ مُغَنٍّ كَمَا يُقَالُ خَيَّاطٌ وَحَدَّادٌ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ وَفِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ إنَّمَا قَالَ يُغَنِّي لِلنَّاسِ أَيْ يُسْمِعُهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِإِسْمَاعِ نَفْسِهِ حَتَّى يُزِيلَ الْوَحْشَةَ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ ظَنٍّ أَنْ يُسْمِعَ غَيْرَهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَا يُسْقِطُ عَدَالَتَهُ فِي الصَّحِيحِ اهـ.
وَهَكَذَا قَالَ فِي شَرْحِ الْعَيْنِيِّ ثُمَّ قَالَ وَإِنْ أَنْشَدَ شِعْرًا فِيهِ وَعْظٌ وَحِكْمَةٌ فَهُوَ جَائِزٌ بِالِاتِّفَاقِ إلَخْ وَنَحْوُهُ مَا مَرَّ عَنْ الْفَتْحِ مِنْ قَوْلِهِ الْمُحَرَّمُ هُوَ مَا كَانَ إلَخْ فَتَدَبَّرْ
(البحر الرائق، ج ٧، ص ٨٨-٨٩، ايج ايم سعيد كمبني)