[1] صحيح مسلم (3/ 1615)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُسْرٍ، قَالَ: نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي، قَالَ: فَقَرَّبْنَا إِلَيْهِ طَعَامًا وَوَطْبَةً، فَأَكَلَ مِنْهَا، ثُمَّ أُتِيَ بِتَمْرٍ فَكَانَ يَأْكُلُهُ وَيُلْقِي النَّوَى بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ، وَيَجْمَعُ السَّبَّابَةَ وَالْوُسْطَى - قَالَ شُعْبَةُ: هُوَ ظَنِّي وَهُوَ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللهُ إِلْقَاءُ النَّوَى بَيْنَ الْإِصْبَعَيْنِ - ثُمَّ أُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ الَّذِي عَنْ يَمِينِهِ، قَالَ: فَقَالَ أَبِي: وَأَخَذَ بِلِجَامِ دَابَّتِهِ، ادْعُ اللهَ لَنَا، فَقَالَ: «اللهُمَّ، بَارِكْ لَهُمْ فِي مَا رَزَقْتَهُمْ، وَاغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ»،
الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت
شرح السنة للبغوي (11/ 343)
ورُوِي عنْ عبْد الله بْن بُسرٍ، قَالَ: نزل رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أبِي، فَقَرَّبْنَا إِليْهِ طَعَاما ووطبة، فَأكل مِنْهَا، ثُمّ أُتِيِ بِتمْرٍ فَكَانَ يَأْكُلهُ، ويُلقي النَّوَى بيْن إصبعيه، وَيجمع السبابَة وَالْوُسْطَى، ثُمّ أُتِي بشراب، فشربه، ثُمّ نَاوَلَهُ الّذِي عنْ يَمِينه.
قَالَ: فَقَالَ أبِي: وَأخذ بلجام دَابَّته، ادعُ الله لنا، فَقَالَ: «اللُّهُم بارِكْ لهُمْ فِيما رزقْتهُمْ، وأَغْفِرْ لهُمْ، وارْحَمْهُمْ».
الناشر: المكتب الإسلامي - دمشق، بيروت
[2] إكمال المعلم بفوائد مسلم (6/ 524)
وقوله: " ثم أتى بتمر فكان يأكله ويلقى النوى يين إصبعيه، ويجمع بين السبابة والوسطى ": دليل على قلة ما كان يأكله - عليه السلام - لأن ما يجتمع بين السبابة والوسطى إنما يكون من تمر قليل. وفيه أنه لم يلقه فى التمر لنهيه عن ذلك لما فيه من إفساد للطعام، وخلطهُ بغيره مما يطرح فيه، وهذه سنة، وفيه أنه لم يلق النوى [من حوله وفى المنزل] (1) فيزيل نظافته فيه الكناسات، وهذا من الأدب والمروءة.
وذهب ابن المنذر أن معناه: أنه كان يجمعه على ظهر إصبعيه فيرمى به، وقول شعبة: وفيه ظنى، وهو فيه إن شاء الله إلقاء النوى بين الأصبعين، يعنى أنه شك هل هو فى الحديث؟ ثم غلب ظنه فيه، كذا الرواية للكافة وهو صواب بيِّن، ألا تراه قال فى الحديث الآخر: " ولم يشك فى ذلك "، وعند السمرقندى [قال شعبة] (2) [ضبطه] (3) وهم، والصواب ما تقدم.
الناشر: دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، مصر
شرح النووي على مسلم (13/ 226)
وقوله ويلقى النوى بين أصبعيه أى يجعله بَيْنَهُمَا لِقِلَّتِهِ وَلَمْ يُلْقِهِ فِي إِنَاءِ التَّمْرِ لِئَلَّا يَخْتَلِطَ بِالتَّمْرِ وَقِيلَ كَانَ يَجْمَعُهُ عَلَى ظَهْرِ الْأُصْبُعَيْنِ ثُمَّ يَرْمِي بِهِ وَقَوْلُهُ قَالَ شُعْبَةُ هُوَ ظَنِّيٌّ وَهُوَ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِلْقَاءُ النَّوَى مَعْنَاهُ أَنَّ شُعْبَةَ قَالَ الَّذِي أَظُنُّهُ أَنَّ إِلْقَاءَ النَّوَى مَذْكُورٌ فِي الْحَدِيثِ فَأَشَارَ إِلَى تَرَدُّدٍ فِيهِ وَشَكٍّ وَفِي الطَّرِيقِ الثَّانِي جَزَمَ بِإِثْبَاتِهِ وَلَمْ يَشُكَّ فَهُوَ ثابت بهذه الرواية وأما رواية الشك فلاتضر سَوَاءٌ تَقَدَّمَتْ عَلَى هَذِهِ أَوْ تَأَخَّرَتْ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ فِي وَقْتٍ وَشَكَّ فِي وَقْتٍ فَالْيَقِينُ ثابت ولايمنعه النِّسْيَانُ فِي وَقْتٍ آخَرٍ
الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (4/ 1685)
(ثُمَّ أُتِيَ) أَيْ: جِيءَ (بِتَمْرٍ فَكَانَ يَأْكُلُهُ وَيُلْقِي) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (النَّوَى) جِنْسُ النَّوَاةِ (بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ) بِتَثْلِيثِ الْهَمْزَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ فَفِيهِ تِسْعُ لُغَاتٍ وَالْأَشْهَرُ كَسْرُ الْهَمْزَةِ وَفَتْحُ الْبَاءِ (وَيَجْمَعُ السَّبَّابَةَ) أَيِ: الْمُسَبِّحَةَ (وَالْوُسْطَى، وَفِي رِوَايَةٍ فَجَعَلَ يُلْقِي النَّوَى عَلَى ظَهْرِ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى) بِالْجَرِّ بَدَلٌ أَوْ بَيَانٌ، وَيَجُوزُ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ، وَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ مُبَيِّنَةٌ لِلْمُرَادِ مِنَ الْأُولَى - مَرْدُودٌ بِأَنَّ تِلْكَ تَدُلُ عَلَى أَنَّ الْوَضْعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ وَهَذِهِ تُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ عَلَى ظَهْرِهَا فَالْأَوْلَى أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ تَارَةً كَذَا وَتَارَةً كَذَا، نَعَمِ الثَّانِيَةُ تَوْمِيءُ إِلَى أَنَّ الصُّورَتَيْنِ مَحْمُولَتَانِ عَلَى الظَّهْرِ، مَعَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنَ الْأَدَبِ الْبَاعِثِ عَلَى عَدَمِ تَلَوُّثِ بَاطِنِ الْيَدِ فَإِنَّهُ أَحَقُّ بِالنَّظَافَةِ مِنْ ظَاهِرِهَا، وَالْمُرَادُ أَصَابِعُ الْيَدِ الْيُسْرَى، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: وَحِكْمَةُ ذَلِكَ تَعْلِيمُ أُمَّتِهِ أَدَبَ أَكْلِ التَّمْرِ وَنَحْوَهُ بِأَنْ يُلْقَى عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ حَتَّى لَا يَمَسَّهُ بَاطِنُ الْأَصَابِعِ فَتَعَافُ النَّفْسُ عَوْدَهَا إِلَى الطَّعَامِ لِمَا فِيهَا مِنْ أَثَرِ الرِّيقِ - فَغَفْلَةٌ عَنْ أَدَبِ الْأَكْلِ أَنَّهُ بِالْيَمِينِ دُونَ الْيَسَارِ
الناشر: دار الفكر، بيروت – لبنان
مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (8/ 178)
(ثم أتي بتمر) أي جئي به (ويلقي) بضم أوله (النوى) جنس النواة (بين إصبعيه) بتثليث الهمزة والموحدة ففيه تسع لغات والأشهر كسر الهمزة وفتح الموحدة (ويجمع السبابة) أي المسبحة (والوسطى) قال النووي: قوله ((ويلقي النوى بين إصبعيه)) ، أي يجعله بينهما لقلته ولم يلقه في إناء التمر لئلا يختلط بالتمر. وقيل كان يجمعه على ظهر الإصبعين ثم يرمي به. قلت: ويؤيد الثاني ما وقع في رواية أحمد (ج4: ص188) ، وابن السني (ص152) ((فكان يأكل التمر ويضع النوى على ظهر إصبعيه، ثم يرمي به)) ويؤيده أيضًا الروية الآتية (وفي رواية) هذه الرواية ليست في صحيح مسلم بل هي في سنن أبي داود (فجعل يلقي النوى على ظهر إصبعيه السبابة والوسطى) ، بالجر بدل أو بيان ويجوز الرفع والنصب وفي رواية لأحمد وكذا الترمذي ((فكان يأكله ويلقي النوى بإصبعيه يجمع السبابة والوسطى)) قال السيوطي: لم يلق النوى في إناء التمر لأنه - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يجعل الآكل النوى على الطبق. رواه البيهقي وعلله الترمذي بأنه قد يخالطه الريق ورطوبة الفم فإذا خالطه ما في الطبق عافته النفس. كذا في فتح الودود
الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم (21/ 223)
(ثم أتي) صلى الله عليه وسلم (بتمر) خالص (فكان يأكله) أي يأكل التمر (وبلقي النوى) أي يمسكه ويجعله (بين إصبعيه وبجمع السبابة والوسطى) لإلقاء النوى عليهما، قال النووي: فسره الأكثرون بأنه صلى الله عليه وسلم كان يجمع النوى بين إصبعيه السبابة والوسطى لقلتها ولا يلقيها في إناء التمر كي لا يختلط بالتمور ولا يرميها على الأرض محافظة على نظافة المكان، وفسره ابن المنذر بأنه كان يجمعها بين أصابعه ليرميها بعد ذلك في محل مناسب اهـ قال محمَّد بن جعفر (قال شعبة) بالسند السابق (هو) أي ذكر إلقاء النوى بين إصبعيه (ظني) أي الأمر الذي أظنه (وهو) أي الحديث (فيه إن شاء الله القاء النوى) أي ذكر إلقاء النوى (بين الأصبعين) يعني تردد شعبة هل ذكر إلقاء النوى بين إصبعين موجود في هذا الحديث أو لا, ولم يشك في الرواية الآتية في ذلك واليقين مقدم على الشك.
الناشر: دار المنهاج - دار طوق النجاة.